ثَوْرَةُ 23 يُولْيُو: بِدَايَةٌ جَدِيدَةٌ مَعَ بِدَايَةِ الْعَصْرِ الْجَدِيدِ لِلْوَطَنِ”
كتبت: حنان محمد بعرور

كَانَتْ فَاطِمَةُ تَتَجَوَّلُ فِي شَوَارِعِ الْقَاهِرَةِ، تَتَأَمَّلُ فِي الْمَبَانِي الْقَدِيمَةِ الَّتِي تَحْكِي قَصَصًا مِنْ التَّارِيخِ، تَسْمَعُ صَوْتَ الْأَذَانِ مِنْ الْمَسَاجِدِ الْقَرِيبَةِ، وَدَقَّاتِ الْأَجْرَاسِ مِنْ الْكَنَائِسِ. حين كَانَتِ الشَّمْسُ تَنْتَصِفُ السَّمَاءَ، فَتُلْقِي بِأَشِعَّتِهَا الدَّافِئَةِ عَلَى الشَّوَارِعِ. وَفَجْأَةً، رَأَتْ عُمَرَ، خَطِيبَهَا، يَقِفُ أَمَامَهَا وَيَرْبُتُ عَلَى يَدِهَا بِحَرَارَةٍ. تَبَادَلَا الْحَدِيثَ لِبَعْضِ الْوَقْتِ، ثُمَّ قَالَ لَهَا عُمَرُ: “يَا فَاطِمَةُ، عِنْدِي لَكِ مُفَاجَأَةً سَتَعْرِفِينَهَا قَرِيبًا مَعَ الشَّعْبِ كُلِّهِ، وَسَتَشْعُرِينَ حِينَهَا بِالْفَخْرِ وَالِاعْتِزَازِ”.
شَخْصٌ يَعْمَلُ عَلَى تَحْقِيقِ حُلْمِهِ
كَانَتْ فَاطِمَةُ تَتَسَاءَلُ مَا هِيَ هَذِهِ الْمُفَاجَأَةُ، وَلَكِنَّ عُمَرَ لَمْ يُخْبِرْهَا. كَانَتْ تَرَى فِي عَيْنَيْهِ الْحَمَاسَ وَالشَّغَفَ، وَكَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَخْصٌ يَعْمَلُ عَلَى تَحْقِيقِ حُلْمِهِ فِي تَغْيِيرِ مِصْرَ.
أَصْوَاتَ الدَّبَابَاتِ وَالْمَرْكَبَاتِ الْعَسْكَرِيَّةِ
بَعْدَ أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ، كَانَتْ فَاطِمَةُ تقِفَ فِي الْبَلَكُونَةِ، فِي مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ، تَنْظُرُ إِلَى الشَّوَارِعِ الْخَاوِيَةِ. سَمِعَتْ أَصْوَاتَ الدَّبَابَاتِ وَالْمَرْكَبَاتِ الْعَسْكَرِيَّةِ، وَرَأَتْ أَنْوَارَهَا تَضِيءُ فِي الظَّلَامِ. كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ شَيْئًا مَا يَجْرِي، وَكَانَتْ تَشْعُرُ بِالْحَمَاسِ .
قَامَ بِالثَّوْرَةِ مَجْمُوعَةٌ مِنَ الضُّبَّاطِ الْأَحْرَارِ
قَامَتِ الثَّوْرَةُ فِي 23 يُولْيُو 1952، في جَوٍ مَمْلُوءٍ بِالْحَمَاسِ وَالشَّغَفِ. قَامَ بِالثَّوْرَةِ مَجْمُوعَةٌ مِنَ الضُّبَّاطِ الْأَحْرَارِ، مِنْهُمُ اللَّوَاءُ مُحَمَّدُ نَجِيبٍ وَالْعَقِيدُ جَمَالُ عَبْدِ النَّاصِرِ. تَوَلَّى مُحَمَّدُ نَجِيبُ الرَّئَاسَةَ فِي الْبِدَايَةِ، ثُمَّ أَصْبَحَ جَمَالُ عَبْدِ النَّاصِرِ الرَّئِيسَ الدَّائِمَ لِمِصْرَ.
رَأَتِ الْمَصَانِعَ الْكَبِيرَةَ تُأَمَّمُ
كَانَتْ فَاطِمَةُ تَعْلَمُ أَنَّ عُمَرَ، خَطِيبَهَا، جُزْءًا مِنْ هَذِهِ الثَّوْرَةِ، وَكَانَتْ تَشْعُرُ بِالِاعْتِزَازِ لِأَنَّهَا تَعِيشُ فِي مِصْرَ الَّتِي تُحَقِّقُ حُلْمَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ وَالِاسْتِقْلَالِ.
بَعْدَ الثَّوْرَةِ، رَأَتْ فَاطِمَةُ التَّغَيُّرَاتِ الْكَبِيرَةَ الَّتِي حَدَثَتْ فِي الْبَلَدِ. رَأَتِ الْأَرَاضِي تُوَزَّعُ عَلَى الْفَلَاحِينَ، وَرَأَتِ الْمَصَانِعَ الْكَبِيرَةَ تُأَمَّمُ.
فَاطِمَةُ تَدْعَمُهُ فِي كُلِّ خُطْوَةٍ
رَأَتْ فَاطِمَةُ أَيْضًا تَحْسِينَاتٍ فِي الْمُسْتَشْفَيَاتِ وَالْمَدَارِسِ، كَانَتْ تَشْعُرُ بِالسَّعَادَةِ لِأَنَّهَا تَرَى الْفَرْقَ فِي حَيَاةِ الشعب. كَانَ عُمَرُ يَعْمَلُ بِجِدٍّ لِبِنَاءِ مُسْتَقْبَلٍ أَفْضَلَ لِمِصْرَ، وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَدْعَمُهُ فِي كُلِّ خُطْوَةٍ.
تَحْقِيقِ الِاسْتِقْلَالِ الْاقْتِصَادِيِّ لِمِصْرَ
بَعْدَ 4 سَنَوَاتٍ مِنَ الثَّوْرَةِ، تَمَّ تَأْمِيمُ قَنَاةِ السُّوَيْسِ فِي 26 يُولْيُو 1956. كَانَتْ هَذِهِ الْخُطْوَةُ مِنَ الْأُمُورِ الْهَامَّةِ الَّتِي سَاهَمَتْ فِي تَحْقِيقِ الِاسْتِقْلَالِ الْاقْتِصَادِيِّ لِمِصْرَ.
حَقَّقَتْ حُلْمَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ وَالِاسْتِقْلَالِ
تَزَوَّجَ عُمَرُ وَفَاطِمَةُ فِي ظِلِ الِاسْتِقْلَالِ وَالْحُرِّيَّةِ، وَكَانَ زَوَاجُهُمَا بِدَايَةً جَدِيدَةً فِي حَيَاتِهِمَا، مَعَ بِدَايَةِ الْعَصْرِ الْجَدِيدِ لِلْوَطَنِ. كَانَتْ فَاطِمَةُ تَشْعُرُ بِالسَّعَادَةِ وَالِاعْتِزَازِ لِأَنَّهَا تَعِيشُ فِي مِصْرَ الْجَدِيدَةِ، مِصْرَ الَّتِي حَقَّقَتْ حُلْمَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ وَالِاسْتِقْلَالِ.
ذِكْرَى جَمِيلَةً فِي قُلُوبِ النَّاسِ
فِي النِّهَايَةِ، كَانَتْ فَاطِمَةُ تَعْلَمُ أَنَّ مِصْرَ سَتَبْقَى دَائِمًا مِصْرَ الْحَضَارَةِ وَالتَّارِيخِ، وَأَنَّ الثَّوْرَةَ سَتَبْقَى دَائِمًا ذِكْرَى جَمِيلَةً فِي قُلُوبِ النَّاسِ. كَانَتْ تَشْعُرُ بِالِامْتِنَانِ لِلضُّبَّاطِ الْأَحْرَارِ الَّذِينَ قَامُوا بِهَذِهِ الثورة.
تابعونا علي صفحة الفيس بوك